وقوله:(كأن على رءوسهم الطير). قَالَ الداودي: يعني: أن كل واحد صار كمن على رأسه طائر يريد صيده فلا يتحرك لئلا يطير به.
وقوله: ("يقتل حبطا أو يلم") كذا هو في الأصول، وذكره ابن التين بحذف "حبطا" ثم قَالَ: هذا محذوف منه. وروي تامًّا فذكره، والحبط: انتفاخ البطن من داء يصيب الآكل من أكله.
وفيه: كما قَالَ المهلب: فضل الجهاد على سائر الأعمال، وأن للمجاهد أجر المصلي والصائم والمتصدق، وإن لم يفعل ذلك، ألا ترى أن باب الريان هو للصائمين خاصة، وقد قَالَ في هذا الحديث:"يدعى من كل باب" فاستحق ذَلِكَ بإنفاق قليل من مال الله في سبيله، ففيه أن الغني إذا أنفق في سبيل الله أفضل الأعمال، قَالَ: إلا أن طلب العلم ينبغي أن يكون أفضل من الجهاد وغيره؛ لأن الجهاد لا يكون إلا بعلم حدوده وما أحل الله منه وحرم، ألا ترى أن المجاهد متصرف بين أمر العالم ونهيه، ففضل عمله كله في ميزان العالم الآمر له بالمعروف، والناهي له عن المنكر، والهادي له إلى السبيل، فكما أن أجر المسلمين كلهم مدخور لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أجل تعلمه لهم وهدايته إياهم سبيل العلم، فكذلك يجب أن يكون أجر العالم فيه أجر من عمل بعلمه.
وفيه: دليل على أن من دعي من أبواب الجنة كلها لم يكن ممن استحق عقوبة في نار -والله أعلم- لقول أبي بكر:(ذَلِكَ الذي لا توى عليه) أي: لا هلاك، فلم ينكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفيه: القول بالدليل في أحكام الدنيا والآخرة لاستدلال أبي بكر وبالدعاء له من كل باب أنه لا هلاك عليه، ولتصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -