وقوله: ("لم ينزل عليَّ في الحمر إلا هذِه الآية" {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)} [الزلزلة: ٧]: فيه تعليم منه لأمته الاستنباط والقياس، وكيف تفهم معاني التنزيل؛ لأنه شبه ما لم يذكر الله وهي الحمر مما ذكره، من عمل مثقال ذرة من خير، إذ كان معناهما واحدًا، وهذا نفس القياس الذي ينكره من لا تحصيل له ولا فهم عنده؛ لأن هذِه الآية يدخل فيها مع الحمر جميع أفعال البر، ألا ترى إلى فهم عائشة وغيرها من الصحابة هذا المعنى من هذِه الآية حين تصدقوا بحبة عنب وقالوا: كم فيها من مثاقيل الذر.
وفيه من الفقه: أن الأعمال لا يؤجر المرء في اكتسابها لاعبًا بها، وإنما يؤجر بالنية الخالصة في استعمال ما ورد الشرع بالفضل في علمه؛ لأنها خيل كلها، وقد اختلف أحوال مكتسبها لاختلاف النيات فيها.
وفيه: أن الحسنات تكتب للمرء إذا كان له فيها سبب وأصل تفضلًا من الله على عباده المؤمنين؛ لأنه ذكر حركات الخيل ونقلها ورعيها وروثها، وأن ذَلِكَ حسنات للمجاهد.