للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: نزول: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (٩٥)} كان قبله، وزعم القرطبي أن آية العصمة ليس فيها ما يناقض الحراسة من الناس ولا ما يمنعه، كما أن إخبار الله عن نصره وإظهار دينه ليس فيه ما يمنع الأمر بالقتال وإعداد العدد والعدة والأخذ بالحزم والحذر، وسبب ذَلِكَ أن هذِه أخبار عن عاقبة الحال ومآله، ولكن هل تحصل تلك العاقبة عن سبب معتاد أو غير سبب، ووجدنا الشريعة طافحة بالأمر له ولغيره بالتحصن، وأخذ الحذر من الأعداء، والإعداد لهم، وقد عمل بذلك - صلى الله عليه وسلم - وأخذ به فلا تعارض في ذلك (١).

خامسها: في فوائده:

فيه: كما قَالَ المهلب: التزام السلطان للحذر، والخوف على نفسه حضرًا وسفرًا، ألا ترى فعله مع ما عرفه الله أنه يستكمل به دينه ويعلي به كلمته، التزم الحذر خوف فتك الفاتك وأذى المؤذي بالعداوة في الدين والحسد في الدنيا.

وفيه: أن على الناس أن يحرسوا سلطانهم ويحفوا به خشية الفتك وانخرام الأمر.

وفيه: أن من شرع بشيء من الخير أن يسمى صالحًا لقوله: "ليت رجلاً صالحًا" أي: يبعثه صلاحه على حراسة سلطانه فكيف بنبيه.

وفيه: أنه متى سمع الإنسان حس سلاح في الليل أن يقول: من هذا، ويعلم أنه ساهر؛ لئلا يطمع فيه أهل الطلب للغرة والغفلة، فإذا علموا أنه مستيقظ ردعهم بذلك.


(١) "المفهم" ٦/ ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>