للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن الجوزي وَهِمَ في تسميته ذلك بقزمان لتشابه اللفظ.

قال: وفي رواية: كان ذلك بخيبر، وفي أخرى: بحنين. إذا تقرر ذَلِكَ؛ فالكلام عليه من وجوه:

أحدها: اعترض المهلب فقال: في الحديث ضد ما ترجم به البخاري أنه لا يقال: فلان شهيد، ثم أدخل هذا الحديث وليس فيه من معنى الشهادة شيء، وإنما فيه ضدها، والمعنى الذي ترجم به قولهم: (ما أجزأ منا اليوم أحد، ما أجزأ فلان)، فمدحوا جزاءه وغَنَاءَهُ، ففهم منهم (أنهم) (١) قضوا له بالجنة في نفوسهم بغنائه ذَلِكَ، فأوحى الله إليه بغيب مآل أمره لئلا يشهدوا لحي شهادة قاطعة عند الله ولا لميت كما قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عثمان بن مظعون: "والله ما أدري وأنا رسول الله ما يُفعل به" (٢)، وكذلك لا يعلم شيئًا من الوحي حَتَّى يوحى إليه به، ويعرف بغيبه فقال: "إنه في النار" بوحي من الله له.

ثانيها: الشاذة والفاذة: بذالين معجمتين، والشين في الأولى معجمة: ما شذت عن صواحبها، وكذا الفاذة التي انفردت، وصفه بأنه لا يبقى شيء إلا أتى عليه، وأنثها على وجه المبالغة كما قالوا: علامة ونسابة. وعن ابن الأعرابي: فلان لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إذا كان شجاعًا لا يلقاه أحد، وقيل: أنث الشاذة؛ لأنها بمعنى النسمة.

وقال الخطابي: الشاذة: هي التي كانت في القوم ثم شذت منهم، والفاذة: من لم تختلط معهم أصلاً (٣)، وقال الداودي: يعني هما ما صغر وكبر ويركب كل صعب وذلول.


(١) في الأصل: أنه. ولعل الصواب ما أثبتناه.
(٢) سلف برقم (١٢٤٣) كتاب الجنائز، باب الدخول على الميت بعد الموت ..
(٣) "أعلام الحديث" ٣/ ١٧٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>