وقوله: ("أتيت بمفاتح خزائن الأرض") لا شك أن العرب كانت أقل الأمم أموالاً، فبشرهم بأنها تفسير أموال كسرى وقيصر إليهم، وهم الذين يملكون الخزائن. وقال ابن التين: يحتمل أن يريد هذا وهو ما فتح لأمته بعده فغنموه واستباحوا خزائن الملوك المدخرة، وهو ما جزم به ابن بطال (١).
ويحتمل أن يريد الأرض التي فيها المعادن، وكذلك قَالَ أبو هريرة:(وأنتم تنتثلونها) أي: تستخرجونها وتثيرونها من مواضعها، يقال: نثلت البئر وانتثلتها إذا استخرجت ترابها، وهو التنثيل، وكذلك: نثلت كنانتي: استخرجت ما فيها من النبل، وقيل: النثل: ترك الشيء مرة واحدة. وفي رواية: وأنتم ترغثونها، أي: تستخرجون درها وترضعونها.
ومعنى الحديث أنه - صلى الله عليه وسلم - ذهب ولم ينل منها شيئًا، بل قسم ما أدرك منها بينكم وآثركم بها، ثم أنتم تنثلونها على حسب ما وعدكم.
وهذا الحديث في معنى حديث مصعب بن عمير الذي مضى ولم يأخذ من الدنيا زهدًا فيها، فكذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفيه: دلالة على أن للأئمة استخراج المعادن وإعطاءها لمن يعمل فيها ويطلب نيلها.