للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنها حديث أنس قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده قَالَ الله تعالى: اكتب له صالح عمله الذي كان يعمل. فإن شفاه غسله وطهره، وإن قبضه غفر له ورحمه" رواه أحمد، عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن أبي ربيعة سنان، عن أنس به (١). ومنها حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي الآتي (٢).

فصل:

وهذا الحديث أيضًا أصله في كتاب الله تعالى قَالَ -جل من قَائل-: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (٥) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦)} [التين: ٤ - ٦]، أي: مقطوع. يريد: أن لهم أجرهم في حال الكبر والضعف عما كانوا يعملونه في الصحة غير مقطوع لهم، فكذلك كل مرض من غير الزمانة، وكل آفة من سفر وغيره تمنع من العمل الصالح المعتاد، فإن الله تعالى قد تفضل بإجراء أجره على من منع ذَلِكَ العمل بهذا الحديث، ثم هو ليس على عمومه، وإنما هو لمن كانت له نوافل وعادة من عمل صالح فمنعه الله تعالى منها بالمرض أو السفر، وكانت نيته لو كان صحيحًا أو مقيمًا أن يدوم عليها ولا يقطعها، فإن الله سبحانه يتفضل عليه بأن يكتب له أجر ثوابها حين حبسه عنها، فأما من لم يكن له نفل ولا عمل صالح فلا يدخل في معنى هذا الحديث، كما نبه عليه ابن بطال (٣)، فإنه لم يمنعه مرضه من شيء، فكيف يكتب له ما لم يكن يعمله؟


(١) "المسند" ٣/ ١٤٨، وفيه (عن حسن وصفان) اهـ يعني: كلاهما عن حماد.
(٢) يعني الآتي لاحقًا في الشرح، ضمن الفصل الآتي.
(٣) "شرح ابن بطال" ٥/ ١٥٤ - ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>