إنما أطلق عمر على حاطب اسم النفاق؛ لأنه والى كفار قريش وباطنهم، وإنما فعل حاطب ذلك متأولًا في غير ضرر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدق الله نيته فنجاه من ذلك، وذكر الجاحظ في "عمده" فقال (عمر)(١): دعني يا رسول الله اضرب عنقه -يعني: حاطبًا- فقد كفر.
قال الباقلاني: في نقضه هذا الكتاب، هذِه اللفظة ليست معروفة.
قلت: ويحتمل أن يكون المراد بها كفر النعمة أو أنه تأول قوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ} أو يكون الراوي روى بالمعنى، فإنه لما سمع قول عمر نافق عبر عنه؛ لأنه كفر عند جماعة، وقال ابن التين: يحتمل أن يكون قول عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق قبل قوله - عليه السلام -: "قد صدقكم" أو يريد أنه وإن صدق فلا عذر له، وقد أثبت الله لحاطب الإيمان في قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي} الآية، وكانت أمه بمكة فأراد أن يحفظوه فيها.
العاشر:
قوله: ("وما يدريك؟ ") أي: يعلمك، ولعله للترجي، وهو هنا يتحقق بدليل ما ذكر في آل عمران والأنفال.
الحادي عشر:
قوله: ("اعملوا ما شئتم") ظاهره الاستقبال، وقال ابن الجوزي: ليس هو على الاستقبال، وإنما هو للماضي، تقديره: اعملوا ما شئتم أيُّ عمل كان لكم فقد غفر، ويدل على هذا شيئان: