وأن بأصحابه الوهن، فليس في هذا عصيان له في الحقيقية، وإن كان في الظاهر، فهو مما يؤجر به، وأمره - صلى الله عليه وسلم - لجوابه؛ لأنه بُعث بإعلاء كلمة الله وإظهار دينه، فلما سمع هذا الكلام لم يسعه السكوت عنه حَتَّى يعلي كلمة الله، ثم عرفهم في جوابه أنهم يُقرون أن الله أعلى وأجل؛ لقولهم:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللهِ زُلْفَى}[الزمر: ٣] فلم يراجعه أبو سفيان ولا نقض عليه كلامه اعترافًا بما قَالَ، فلما ذكر العزى أمر - صلى الله عليه وسلم - بمجاوبته، وعرف في جوابه أنها ومثلها من الأصنام لا موالاة لها ولا نصر، فعرف أن النصر من عند الله وأن الموالاة والنصر لا تكون من الأصنام فبكته بذلك ولم يراجعه.
وقوله:(قد بدت خلاخلهن وأسوقهن). أي ظهرت، وأسوق: جمع ساق، وضبطه بهمز الواو على معنى أن الواو إذا انضمت جاز همزها.
وفيه: جواز النظر إلى أَسْوُق المشركات ليعلم حال القوم لا لشهوة.
وقوله:(فذاك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم). أي: آخرهم قاله أبو عبيد.
وقوله:(قد بقي لك ما يسوؤك) إرهاب عليه لما ظن به الوقيعة، وكسر شوكة الإسلام، وأنه قد مضى الرسول وسادة أصحابه، فعرفه أنهم أحياء، وأنه قد بقي له ما يسوؤه، يعني: يوم الفتح.
وقوله:(فأصابوا منا سبعين). قَالَ غيره: خمسة وستون، منهم أربعة من المهاجرين. وقال مالك: قتل من الأنصار سبعون، ومن المهاجرين أربعة.
وقوله:(وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أصاب من المشركين سبعين أسيرًا وسبعين قتيلًا). ذكر الشيخ أبو محمد في "جامع مختصره" أنه قتل من