وقال ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيرهما قالوا: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من بني لحيان لم يقم بعد قدومه إلا ليالي حَتَّى أغار عيينة، وكان خرج إلى بني لحيان في جمادى الأولى. وقال البخاري: إنها قبل خيبر بثلاثة أيام. وفي مسلم نحوه، وفيه نظر، ولابن سعد: كانت لقاح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرين لقحة ترعى بالغابة، وكان أبو ذر فيها، فأغار عليهم عيينة بن حصن ليلة الأربعاء في أربعين فارسًا، فاستاقوها وقتلوا ابن أبي ذر، وجاء الصريخ فنودي: يا خيل الله اركبي، فكان أول ما نودي بها، وركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وخرج غداة الأربعاء في الحديد مقنعًا فوقف، فكان أول من أقبل إليه المقداد بن عمرو وعليه الدرع والمغفر شاهرًا سيفه، فعقد له رسول الله لواء في رمحه وقال:"امض حَتَّى تلحق الخيول وأنا في إثرك". واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، وخلف سعد بن عبادة في ثلاثمائة من قومه يحرسون المدينة. قَالَ المقداد: فأدركتُ أخريات العدو، وقد قتل أبو قتادة مسعدة، وقتل عكاشة أبان بن عمرو، وقتل المقداد حبيب بن عيينة وفرقد بن مالك بن حذيفة بن بدر، وأدرك سلمة بن الأكوع القوم. وهو على رجليه فجعل يراميهم بالنبل ويقول:
خُذْهَا وأَنَا ابن الأَكْوَعِ … وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
وفي البخاري:
أَنَا ابن الأَكْوَعِ … وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
حَتَّى انتهى بهم إلى ذي قرد، وهي ناحية خيبر مما يلي المستناخ. قَالَ سلمة: فلحقنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس عشاء، قلتُ: يا رسول الله، إن القوم عطاش فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما بأيديهم من السرح،