للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها: حديث عطاء ذَهَبْتُ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ إلى عَائِشَةَ وَهْيَ مُجَاوِرَةٌ بِثَبِيرٍ، فَقَالَتْ لنَا: انْقَطَعَتِ الهِجْرَةُ مُنْذُ فَتَحَ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ.

وعبيد هذا هو ابن عمير بن قتادة بن سعد بن عامر بن جندع، أبو عاصم، سمع ابن عباس وابن عمر، ومات قبله.

وفي رواية له: "لا هجرة اليوم" (١)، وكان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله مخافة أن يفتن عليه، وأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام. والمؤمن يعبد ربه حيث شاء. "ولكن جهاد ونية"، وهو دال على نسخ الهجرة بعد الفتح -أي: من مكة- إلا أن سقوطها بعده لا يسقطها عمن هاجر قبل الفتح، فدل على أن قوله: "لا هجرة بعد الفتح" ليس على العموم؛ لأن الأمة مجمعة أن من هاجر قبل الفتح أنه يحرم عليه الرجوع إلى وطنه الذي هاجر منه، كما حرم على أهل مكة الرجوع إليها.

ووجب عليهم البقاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتحول معه حيث تحول لنصرته ومؤازرته وصحبته وحفظ شرائعه والتبليغ عنه، وهم الذين استحقوا اسم المهاجرين (ومدحوا) (٢) به دون غيرهم، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - رثى لسعد بن خولة أن مات بمكة في الأرض التي هاجر منها، ولذلك دعا لهم فقال: "اللهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردهم على أعقابهم" (٣).

وذكر أبو عبيد في كتاب "الأموال" أن الهجرة كانت على غير أهل مكة من الرغائب، ولم تكن فرضًا دل على ذَلِكَ قوله للذي سأله عن


(١) سيأتي برقم (٤٣١٢) كتاب المغازي، باب من شهد الفتح.
(٢) في (ص): ويُدعَوا.
(٣) سلف برقم (١٢٩٥) كتاب الجنائز، باب: رثي النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>