للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فملكت ذَلِكَ في حياته، فتوفي يوم توفي وذلك لها.

ولو كان صار لهن ذَلِكَ على وجه الميراث عنه، لم يكن لهن منه إلا الثمن، ثم كان ذَلِكَ الثمن أيضًا مشاعًا في جميع المساكن لجميعهن، وفي ترك منازعة العباس وفاطمة إياهن في ذَلِكَ وترك منازعة بعضهن بعضًا دليل واضح على أن الأمر في ذَلِكَ كما ذكرناه. وقد قَالَ تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} لئلا يخرجن عن منازلهن بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم -.

وقال آخرون: إنما تركن في المساكن التي سكنها في حياته؛ لأن ذَلِكَ كان من بيوتهن الذي كان - صلى الله عليه وسلم - استثناه لهن مما كان بيده أيام حياته. كما استثنى نفقاتهن حين قَالَ: "ما تركت بعد نفقة نسائي ومئونة عاملي فهو صدقة" (١) ويدل على صحة ذَلِكَ، أن مساكنهن لم يرثها عنهن ورثتهن، ولو كان ذَلِكَ ملكًا لهن كان لا شك يورث عنهن.

وفي ترك ورثتهن حقوقهم من ذَلِكَ دليل أنه لم يكن لهن ملكًا، وإنما كان لهن سكناه حياتهن. فلما مضين لسبيلهن جعل ذَلِكَ زيادة في المسجد الذي يعم المسلمين نفعه. كما فعل ذَلِكَ في الذي كان لهن من النفقات في تركته - صلى الله عليه وسلم - صرف فيما يعم المسلمين نفعه.

قَالَ المهلب: وفي هذا من الفقه أن من سكن حبسًا حازه بالسكنى، وإن كان للمحبس فيه بعض السكنى والانتفاع أن ذَلِكَ جائز في التحبيس، ولا ينقض التحبيس ما له فيه من الانتفاع اليسير؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان ينتاب كل واحدة منهن في نوبتها فليلة من تسع ليال يسير. ولذلك قَالَ (مالك) (٢): إن المحبس قد يسكن في البيت من الدار التي حبس ولا ينتقض بذلك حوزها.


(١) سبق قريبا.
(٢) من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>