للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله أولاً: (فَأَسْلَمَ الهُرْمُزَانُ)، وكان أسره أبو موسى الأشعري، كان سيدًا فبعث به مع أنس إلى عمر، لما قدم عليه استعجم، فقال له عمر: تكلم. فقال: أكلام حي أم ميت؟ فقال عمر: تكلم فلا بأس -وبدرت الكلمة من عمر من غير تأول- فقال: كنا وإياكم نستعبدكم ونملككم معاشر العرب فأخلى الله بيننا وبينكم، فلما كان الله معكم لم يكن لنا بكم يدان؛ فتغيظ عمر وقال: قاتل الله البراء بن مالك، وَهَمَّ بِهِ؛ فقال له أنس: يا أمير المؤمنين، تركت خلفي شوكة شديدة وعدوًّا كثيرًا، إن قتلته يئس القوم من الحياة، وكان أشد لشوكتهم، وإن استحييته، طمع القوم، فقال: يا (أنس) (١)، استحيي قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور، فلمّا خشيت أن يبسط عليه قلت له: لا سبيل لك عليه، فقال: ولم، أعطاك؟، أصبت منه؟ (قلت: لا) (٢)، ولكنك قلت له: تكلم فلا بأس. قال: لتأتينّ بمن يصدق ما تقول أو لا بد من عقوبتك، ولم يحفظ عمر ما قال، وكان الزبير قد حضر لمقالته فصدق أنَسًا، فأسلم الهرمزان (٣).

وكانت الروم قاتلت الفرس في أول الإسلام، فعلم من ذلك الهرمزان ما علم، فضرب له مثلًا وهو صحيح، عقله عمر وعمل عليه، وإنما جعل كسرى الرأس؛ لأنه أعظم ملكًا وأكثر أتباعًا وأوسع بلدًا، ومثل بالجناحين، ولم يذكر الرجلين، وأراد بهما من سوى هؤلاء الثلاثة للأمم، ومبادرة المغيرة بالكلام للترجمان، إما أن يكون


(١) في الأصل: رزين والمثبت من (ص ١) وانظر (مصنف ابن أبي شيبة) ٧/ ٢٢.
(٢) في (ص ١): (قلت: ما فعلت) وكذلك عند بن أبي شيبة ٧/ ٢٢.
(٣) انظر هذِه القصة في "سنن سعيد بن منصور" ٢/ ٢٥٢، و"مصنف ابن أبي شيبة" ٧/ ١٩ - ٢٢، و"سنن البيهقي" ٩/ ٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>