للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأن الواجب على الإمام إخراجهم من كل مصر غلب عليه الإسلام إذا لم يكن بالمسلمين إليهم ضرورة، ولا كانت من بلاد الذمة التي صولحوا على الإقرار فيها؛ إلحاقًا لحكمه بجزيرة العرب، وذلك أن خيبر لم تكن من البلاد التي اختطها المسلمون، وكذلك نجران بل كانت لأهل الكتاب، وهم كانوا عمارها وسكانها، فأمر - عليه السلام - بإخراجهم حين غلب عليها الإسلام، ولم يكن بهم إليهم ضرورة.

ثم ساق من حديث جرير، عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا: "لا تصلح قبلتان في أرض" فإذا صحَّ ما قلناه فالواجب على الإمام إذا أقر بعض أهل الكتاب في بعض بلاد المسلمين؛ لحاجتهم إليهم لعمارتها أو لغير ذلك ألا يدعهم في مصرِهم أكثر من ثلاث، وأن يسكنهم خارجًا من مصرهم كالذي فعل عمر وعلي، وأن يمنعهم من اتخاذ الدور والمساكن في أمصارهم، فإن اشترى منهم مشتر في مصر من أمصار المسلمين دارًا أو ابتنى به مسكنًا، فالواجب على إمام المسلمين أخذه ببيعها عليه، كما يجب عليه لو اشترى مملوكًا مسلمًا، أن يأخذه ببيعه؛ لأنه ليس من المسلمين إقرار مسلم في ملك كافر، فكذلك غير جائز إقرار أرض المسلمين في غير ملكهم، قال غيره: وكذلك الحكم في الرجل المسلم الفاسق إذا شهد عليه أنه مؤذٍ لجيرانه بالسفه والتسليط، ويشتكي منه جيرانه، وصحَّ ذلك عند الحاكم أن له أن يخرجه من بين أظهرهم، وإن كانت له دارٌ أكراها عليه، فإن لم يجد لها مكتريًا باعها عليه، ودفع الأذى عن جيرانه، وقال ابن القاسم: تكرى ولا تباع، وسيأتي هذا المعنى في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى (١).


(١) انتهى كلام ابن بطال من "شرحه" ٥/ ٣٤١ - ٣٤٥ بما تخلله من كلام للطبري والمهلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>