الملة، وقال آخرون: كل مبعوث إليه ولزمته الحجة بالدعوة، ويجوز أن تكون الأمة كل مبعوث إليه، ولكن تختلف أحوالهم، فمنهم من بعث إليه ودعي فلم يجب كأهل الأديان من أهل الكتاب وسائر المشركين، فهؤلاء لا يدخلون الجنة أبدًا، ومنهم من دعي أجاب ولم يتبع من جهة استعمال ما لزمه بالإجابة، فهو مؤمن بإجابته إلى ما دعي إليه من التوحيد والرسالة، وإن لم يستعمل ما أمر به تشاغلًا عنه وخلاعة وتجوزًا، فهؤلاء من أمة الدعوة والإجابة، وليسوا من أمة الاتباع، ومنهم من أجاب إلى ما دعي واستعمل ما أمر به، فهذا من أمة الدعوة والإجابة والاتباع، فيجوز أن يكون هؤلاء الأعراب من أمة محمد من طريق الإجابة له إيمانًا بالله ورسوله وبما جاء به ولم يستعملوا ما جاء به، فهؤلاء ليسوا من أمته على معنى الاتباع؛ لأنهم لم يتبعوه ولم يسلكوا طريقه.
فمعنى:"يكملون لك من الأعراب" أي: من آمن بك ولم يتبعك استعمالًا لما جئت به؛ لأن قوله:"لا تبلغ هذا أمتي" وقوله تعالى: "يكملون لك من الأعراب". يشير إلى أن هؤلاء الأعراب ليسوا من أمته، فيجوز أن يكون ذلك على معنى ما قلناه.
ومعنى قوله:"لا تبلغ هذا أمتي" يعني من اتبعني وآمن بي، فكأنه يقول: لا يبلغ هذا العدد من اتبعني استعمالًا لما جئت به، وهذا كالحديث الذي حدثناه، ثم ساقه من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة -أو عن أبي سعيد- شك الأعمش.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اشهدوا ألا إنه إلا الله وأني رسول الله، من لقي الله بها غير شاك لم يحجب عن الجنة"(١).