للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والفظاظة والغلظ: بمعنى واحد (١)، وهي عبارة عن شدة الخلق وخشونة الجانب، وأفظ وأغلظ ليسا للمفاضلة، بل بمعنى فظ غليظ. وقيل: يصح حملها على المفاضلة، وأن القدر الذي بينهما في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو ما كان من إغلاظه على الكفار والمنافقين قال تعالى: {جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ٧٣].

وفيه: فضل لين الجانب والرفق.

ومعنى: (ابتدرن الحجاب): استبقن إليه، والفج: الطريق الواسع، وقيل: هو الطريق بين الجبلين. قال عياض: يحتمل أنه ضرب مثلًا لبعد الشيطان وأعوانه عن عمر، وأنه لا سبيل لهم عليه (٢)، أي: أنك إذا سلكت في أمر بمعروف أو نهي عن منكر تنفذ فيه ولا تتركه، فيئس الشيطان من أن يوسوس فيه له بتركه ويسلك غيره، ليس المراد به الطريق على الحقيقة؛ لأن الله تعالى قال: {يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} فلا مخافة أذى يصيبه في فج؛ لأنه لا يراه.

الحديث السادس بعد العشرين:

حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِذا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْترْ ثَلَاثًا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ".

والخَيْشُوم: الأنف. وقال الداودي: هما المنخران.

وقوله: ("فَلْيَسْتَنْثِرْ"): يدخل فيه فليستنشق؛ لأن الاستنثار لا يكون إلا بعده.


(١) ورد بهامش الأصل: قوله: (بمعنى واحد). فيه نظر فقد قال في "الكشاف" في تفسير قوله تعالى: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ} [آل عمران: ١٥٩] ما نصه فظًّا أي جافيًا، غليظ القلب: قاسيه. انتهى بدعوى تراد فيهما ليس ظاهر. ا. هـ
(٢) "إكمال المعلم" ٧/ ٤٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>