للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

وإلى الأخذ بهذا الحديث ذهب مالك وأصحابه وكثير من العلماء فقالوا: تقتل الكلاب إلا ما استثني منها ولم يروا الأمر بقتل ما عدا المستثنى منسوخًا بل محكمًا، وقام الإجماع على قتل العقور منها.

واختلفوا في قتل ما لاضرر فيه؛ فقال إمام الحرمين: أمر الشارع أولاً بقتلها كلها ثم نسخ ذلك ونهى عن قتلها، إلا الأسود البهيم، ثم استقر الشرع على النهي عن قتل جميعها إلا الأسود من حديث ابن مغفل.

ومعنى: (البهيم شيطان) بعيد عن المنافع، قريب من المضرة، وهذِه أمور لا تدرك بنظر ولا يتوصل إليها بقياس، وإنما ينتهى إلى ما جاء عن الشارع، كما نبه عليه ابن عبد البر قال: وقد روي عن ابن عباس أن الكلاب من الجن، وهي (بقعة) (١) الجن، فإذا غشيتكم عند طعامكم فألقوا إليها الشيء فإن لها أنفسًا. يعني: أعينَا (٢). وفي لفظ السود منها جن والبقع منها جن. قال صاحب "العين": الحن: حي من الجن منهم الكلاب البهم (٣). وفي "الباهر": الحن -بالكسر-: ضرب من الجن. قال ابن الأعرابي: هم سفلة الجن وضعفاؤهم. وأنشد:

*مختلف نجواهم حن وجن*

قال ابن عديس يقال كلب حني. وروى عن الحسن وإبراهيم أنهما يكرهان صيد الكلب الأسود البهيم، وإليه ذهب أحمد وبعض أصحابنا لا يحل الصيد إذا قتله، وقال الشافعي ومالك والجمهور بحله كغيره.


(١) في الأصول: ضعيفة، والمثبت من مصدر التخريج.
(٢) "التمهيد" ١٤/ ٢٢٩.
(٣) "العين" ٣/ ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>