للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أنه إخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما روي في الأخبار: إن الله خلق الأرواح قبل الأجسام فكانت تلتقي فتشام كما تشام الخيل، فلما التبست بالأجسام تعارفت بالذكر الأول وصار كل منهما إنما يعرف وينكر ما سبق له من العهد القديم (١).

وقال بعضهم: "جنود مجندة" أي: أجناس مجنسة، وقيل: جموع مجمعة، وهذا التعارف لأمر جعله الله -عَزَّ وَجَلَّ- فيها وجبلها عليه، وأشبه ما فيه أن يكون تعارفها موافقة صفاتها التي هي خلقت عليها وتشابهها (في شيمها) (٢) التي خلقت بها.

وقيل: لأنها خلقت مجتمعة ثم فرقت في أجسادها فمن وافق قسيمه ألفه، وما باعده نافره.

وفي هذا دليل على أن الأرواح ليست بأعراض، فإنها كانت موجودة قبل الأجسام، وأنها تبقى بعد فناء الأجسام، يؤيده أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر (٣).

فصل:

يستفاد من هذا الحديث -كما نبه عليه القرطبي- أن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح يفتش على الموجب لها، فإنه ينكشف له فيتعين عليه أن يسعى في إزالة ذلك حتى يتخلص من ذلك الوصف المذموم وكذلك القول فيما إذا وجد من نفسه ميلًا لمن فيه شر وشبهة (٤).


(١) "أعلام الحديث" ٣/ ١٥٣٠ - ١٥٣١.
(٢) من (ص ١).
(٣) رواه مسلم (١٨٨٧) كتاب: الإمارة، باب: بيان أن أرواح الشهداء في الجنة، من حديث عبد الله بن مسعود.
(٤) "المفهم" ٦/ ٦٤٥ - ٦٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>