لإلياس: والله ما أدري ما تدعو إليه إلا باطلاً، والله ما أدري فلانًا وفلانًا -فعدد ملوكًا مثله من ملوك بني إسرائيل متفرقين بالشام يعبدون الأوثان- إلا على مثل ما نحن عليه يأكلون ويشربون، ملوكًا ما نقص دنياهم.
فيزعمون أن إلياس استرجع ثم رفضه وخرج عنه، وفعل ذلك الملك فعل أصحابه من عبادة الأوثان، فقال إلياس: اللهم إن بني إسرائيل قد أبوا إلا الكفر، فُذكِرَ لي أنه أوحي إليه أنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك حتى تكون أنت الذي تأذن لهم في ذلك، فقال إلياس: اللهم أمسك عنهم المطر، فحبس عنهم ثلاث سنين حتى هلكت المواشي والهوام والشجر، ولما دعا عليهم استخفى شفقًا على نفسه منهم فكان حيثما كان وُضِع له رزق، فكانوا إذا وجدوا ريح الخبز في مكان قالوا: لقد دخل إلياس هذا المكان (فيطلبوه)(١)، ويلقى أهل ذلك المنزل منهم شرًا، ثم أنه استأذن الله في الدعاء لهم فأذن له، فجاءهم وقال: إن كنتم تجيبون، إن الذي أدعوكم إليه هو الحق وإنكم على باطل فأخرجوا أوثانكم وما تعبدون واجأروا إليهم فإن استجابوا لكم فهي كما تقولون، وإن هي لم تفعل علمتم أنكم على باطل فنزعتم ما أنتم عليه، ودعوت الله يفرج عنكم ما أنتم فيه، قالوا: أنصفت، فخرجوا بأوثانهم فدعوها فلم تستجب لهم فعرفوا ما هم عليه من الضلالة، ثم سألوا إلياس الدعاء فدعا ربه، قال: فمطروا لساعتهم فحيت بلادهم فلم ينزعوا ولم يرجعوا وأقاموا على أخبث ما كانوا عليه، فدعى الله
أن يقبضه فكساه الريش وألبسه النور، وقطع عليه لذة المطعم والمشرب، فكان إنسيًا ملكًا أرضيًا سمائيًا يطير مع الملائكة.
(١) في الأصل عليها: (كذا)، وفي الحاشية: الجادة: فيطلبونه.