صلت فعلقه بالثريا ثم أخذ القمر بيده اليسرى والشمس بيده اليمني ثم سار وتبعه الدراري والنجوم ونزل بهما إلى الأرض فلم يزل يمشي بهما والنجوم تتبعه.
فلما كان في الليلة الثالثة: رأى كأنه جاع جوعًا شديدًا، فصارت له الأرض غذاءً، فأقبل عليها، يأكلها جبلًا جبلاً، وأرضًا أرضًا حتى أتى عليها كلها، ثم عطش عطشًا شديدًا، فأقبل على البحار، فشربها بحرًا بحرًا، حتى أتى على السبعة الأبحر، ثم أقبل على البحر المحيط يشربه، فلما أمعن فيه رأى طينًا وحمأة سوداء فلم يسغ له فتركه.
ثم رأى في الليلة الرابعة كأن الإنس والجن أتوه من الأرض كلها، وكذلك البهائم والأنعام، وأقبلت الرياح فاستدارت فوقه، فأرسل أممًا من الجن والإنس مع ريح الصبا إلى المغرب، وأممًا منها مع الدثور إلى يمين الأرض، وأمر البهائم والأنعام فذهبت بهم الرياح في كل وجه، ثم أمر الهوام فذهبت في سبيل من مضى، فلما أصبح أرسل إلى أهل مشورته فقص عليهم ما رأى، فقالوا: أجمع العلماء بهذا الأمر فجمعهم، فقالوا: لم تدرك عقولنا هذِه الرؤيا فقال له شيخ منهم: ليس على وجه الأرض من يفسر (تأويل)(١) رؤياك إلا نبي ببيت المقدس، فأمر بالجنود فجمعت وجعل على مقدمته ألف ألف فارس، فلما انتهى إلى البيت الحرام طاف به حافيًا راجلاً، ثم سار إلى القدس يسأل عن النبي الذي وصف له، فلما رآه سأله عن اسمه فقال: الخضَر بن خضرون بن عموم بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق، فقال له الصعب: أيوحى إليك؟ قال: نعم يا ذا القرنين. فقال: وما هذا الذي دعوتني به؟ قال: أنت صاحب قرني الشمس.