للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

قوله: ("وإن ناسًا من أمتي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أصحابي أصحابي فيقال: إنهم لن يزالوا مرتدين على أعقابهم")، ظاهره الخروج عن الملة، وذهب الخطابي إلى أن الارتداد هنا التأخير عن الحقوق اللازمة والتقصير فيها (١). وهو مردود؛ فإن ظاهر الارتداد يقتضي الكفر؛ لقوله تعالى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤] أي: رجعتم إلى الكفر، والشارع قال: "بُعْدًا لهم وسحقًا" (٢)، وهذا لا يقال للمسلمين، فإن شفاعته للمذنبين، فإن قلت: كيف خفي

عليه حالهم مع إخباره بعرض أمته عليه، قلت: ليسوا من أمته كما قلناه وإنما يعرض عليه أعمال الموحدين لا المرتدين والمنافقين، وقال ابن التين: يحتمل أن يكونوا منافقين أو مرتكبي الكبائر من أمته قال: ولم يرتد بحمد الله أحد من أمته ولذلك قال: {عَلَى أَعْقَابِكُمْ}؛ لأن الذي يعقل من قوله "مرتدين": الكفر إذا أطلق من غير تقييد. وقيل: هم قوم من جفاة العرب دخلوا في الإسلام أيام حياته رغبة ورهبة كعيينة بن حصن جاء به أبو بكر أسيرًا والأشعث بن قيس فلم يقتلهما ولم يسترقهما فعاودا (٣) الإسلام.

وقال النووي: المراد به المنافقون والمرتدون فيناديهم للسيما التي عليهم من غرة وتحجيل يقال: ليس هؤلاء ممن وعدت بهم، إن هؤلاء بدلوا بعدك أي: أنهم لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم. قلت: لكن


(١) "أعلام الحديث" ٣/ ١٥٣٦.
(٢) سيأتي برقم (٦٥٨٤) كتاب: الرقاق، باب: في الحوض. من حديث أبي سعيد بلفظ: "سُحقًا سُحقًا".
(٣) في (ص ١): فعادوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>