للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إدخاله "صحيحه" شيئًا شك فيه، ولا شك، إنما ذكره متابعًا.

فصل:

أحسن ما قيل في الحديث "نحن أحق بالشك"، وأصح ما ذكره الشافعي وغيره أن الشك مستحيل في حق إبراهيم، فكأنه قال: الشك في إحياء الموتى لو كان متطرقًا إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به من إبراهيم، وقد علمتم أني لم أشك، وإنما رجح إبراهيم على نفسه من باب التواضع والأدب، أو قاله قبل إعلامه، فإذا لم أشك أنا ولم أَرْتَبْ في القدرة على الإحياء فإبراهيم أولى بذلك.

ونقل صاحب "التجريد" عن جماعة من العلماء أنه لما نزل قوله تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} قالت طائفة: شك إبراهيم ولم يشك نبينا قال - عليه السلام -: "نحن أحق بالشك منه" وقال النووي: وقع لي فيه معنيان:

أحدهما: أنه يخرج مخرج العادة في الخطاب؛ فإن من (أراد) (١) المدافعة عن إنسان قال للمتكلم: ما كنت قائلًا لفلان أو فاعلًا معه من مكروه، فقله (لي) (٢) وافعله معي ومقصوده: لا تقل ذاك فيه.

الثاني: هذا الذي تظنونه شك أنا أولى به فإنه ليس بشك، وإنما هو يطلب لمزيد اليقين (٣). وقال عياض: يحتمل أنه أراد منه الذين يجوز عليهم الشك، أو أنه قاله؛ تواضعًا مع إبراهيم (٤).

وقال ابن الجوزي: أي: أنا أولى أن أسأل مثل هذا الأمر العظيم الذي يسأل السائل في إجابة ربه فيه، وإنما صار أحق لما عانى من تكذيب قومه وردهم عليه وتعجبهم من ذكر البعث، فقال: أنا أحق أن أسأل ما سأل إبراهيم؛ لعظم ما جرى على قومي؛ ولمعرفتي بتفضيل


(١) من (ص ١).
(٢) من (ص ١).
(٣) "صحيح مسلم بشرح النووي" ٢/ ١٨٣.
(٤) "الشفا" ٢/ ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>