للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التين: أراد أنك كنت كذا، كقوله: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} الآية، وهذا من المعاريض التي فيها مندوحة عن الكذب وضرب الأمثال للمخاطب ليتعظ.

وقوله: ("فلا بلاغ") أي: لا وصول إلى ما أريد.

وقوله: ("لقد ورثت كابرًا عن كابر") وفي رواية "لكابر" (١) أي: كبيرًا عن كبير في الشرف والعز، حمله بخله على نسيان نعمة الله عليه وعلى الكذب.

وقوله: ("فوالله لا أحمدك اليوم بشيء أخذته لله") أي: لا أحمدك اليوم على ترك شيء أو إبقائه لطيب نفسي بما تأخذه.

وفي مسلم: "لا أجهدك" (٢) أي: لا أشق عليك بالرد والمنة، يقال: جهدته وأجهدته أي: بلغت مشقته، وقد يكون هنا من الجهد الذي يعيش به المقلُّ، أي: أقلل لك فيما تأخذه، من قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ} كذا رواه الجمهور بجيم وهاء، وعند ابن ماهان بالحاء والميم، ووقع في البخاري بالوجهين، لكن الذي في الأصول ما قدمته، والمشهور في مسلم بالجيم، وهنا بالحاء، وكأن لفظة الترك محذوفة مرادة كما أسلفناه. وفي الحديث ذكر الرجل بما فيه من العيوب وأنه ليس غيبة، وأن النعم إنما تثبت بالشكر وردها إلى المنعم.

وفيه: أن الصدقة تطفئ غضب الرب -جل وعلا-، وفيه: إكرام الضعفاء والحث على ذلك، والحذر من كسر قلوبهم واحتقارهم.


(١) انظر "صحيح البخاري" ٤/ ١٧٢ ط. طوق النجاة.
(٢) "صحيح مسلم" رقم (٢٩٦٤) كتاب الزهد والرقائق.

<<  <  ج: ص:  >  >>