للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك يوم ثاني العيد أو ثالثه، فإذا كان كذلك وهو من أيام منى سقط ما ذكره، لا يقال إنه على عمومه لأن دعوى العموم في الأفعال غير صحيح عند الأكثر؛ لأنها قضية عين.

قال الداودي: واستجاز قوم من المجان الغناء واحتجوا بهذا الحديث وهو فاسد لأن هؤلاء لم يخرجوا في قولهم إلى ما يوجب الطرب ومع (هذا) (١) فإن نية الفريقين مختلفة هؤلاء يريدون (راحة) (٢) النفس لتقوى على أداء الفرض، وهؤلاء يريدون اللهو، وهذا من حمل الشيء على ضده، وتمثيل النور بالظلمة، ولبس الحق بالباطل (٣)، وأما لعب الحبشة ففيه دربة للقوة على قتال العدو.


(١) في الأصل: ذلك، والمثبت من - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) في الأصل أحد، والمثبت من (ص ١).
(٣) قال العلَّامة الألباني في "تحريم آلات الطرب" ص (١٧٧): إن حسن النية لا يجعل المحرم حلالاً، فضلاً عن أن يجعل قربة إلا الله. أهـ
قلت: ولا يَرِد على هذا قول المجيز للغناء بدعوى حسن النية مستدلاًّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" ومن شأن هذِه الدعوى هدم أركان الدين التي تستبيح حرمات الله، ولو أنصف هذا المجيز لما تكلم في دين الله بغير علم ولما تجرأ على فهم كلام الله وكلام رسوله على مراده وفهمه القاصر، ولله در الشافعي حين قال: نؤمن بالله، وبما جاء عن الله على مراد الله ونؤمن برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .. فلو قال لك قائل أنا أشرب الخمر بدعوى تذكر خمر الجنة أو أسرق لأنفق على الفقراء والمساكين أو لأتصدق أليس في هذا استباحة لحرمات الله واستخفافًا بالدين، وفتح باب للمجان والفساق ليستبيحوا ما حرم الله بدعوى حسن النية؟ أما يعلم هذا المريض أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات" أي: الأعمال الصالحة وليست الفاسدة، الأعمال التي يراد بها وجه الله، لا وجه الشيطان وصدق ربي حين قال: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}. وقال ربي -جل وعلا-: {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣)}.
وانظر: "تحريم آلات الطرب" ص (١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>