للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَيكَ أَبَيتَ اللَّعنَ كَانَ وَجيِفُهَا (١) … إِلَى المَاجِدِ القَرْمِ الجواد المُمَجَّدِ (٢)

أراد الذي تكاملت فيه الخصال المحمودة، واسم نبينا صادق عليه فهو محمد في الدنيا بما هدى إليه ونفع به من العلم والحكمة، وهو محمود في الآخرة بالشفاعة، فقد تكرر معنى الحمد كما يقتضي اللفظ، وقد تفطن العباس بن مرداس السلمي لحكمة نبوته، ومعنى دقيق، وعرض نبيل حيث يقول:

إِنَّ الإِلَهَ ثَنَى عَلَيكَ مَحَبَّةً … مِن خَلْقِهِ وَمُحَمَّدًا سَمَّاكَا

لأن الثناء تركب على أس، فأسس له تعالى مقدماته لنبوته، منها تسميته محمدًا قبل أن يولد، ثم لم يزل يدرجه في محامد الأخلاق وما تحبه القلوب من الشيم حتى بلغ إلى أعلى المحامد مرتبة وتكاملت له المحبة من الخالق والخليقة، وظهر معنى اسمه فيه على الحقيقة فهو اللبنة التي استتم بها البناء كما أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه، ثم إنه لم يكن محمدًا حتى كان أحمد، حمد ربه فنبأه وشرفه فلذلك تقدم اسم أحمد على الاسم الذي هو محمد، فذكره عيسى فقال: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} فأحمد ذكر قبل أن يذكر محمد؛ لأن حمده لربه كان قبل حمد الناس له فلما وجد وبعث كان محمدًا بالفعل، وكذا في الشفاعة يكون أحمد الناس لربهم ثم يشفع فيحمد على شفاعته، فانظر كيف ترتب هذا الاسم قبل الاسم الآخر في الذكر والوجود، وفي الدنيا والآخرة تلح لك الحكمة الإلهية في تخصيصه بهما، وانظر كيف نزلت عليه سورة الحمد، وخص بلواء الحمد


(١) ورد في هامش الأصل: كلالها (خ) تعني: نسخة.
(٢) "ديوانه" ص (٢٢٥). وفيه كلالها بدل وجيفها، والفرع بدل القرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>