يَعُودُهُ -قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ له:"لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ الله"-. قَالَ: قُلْتَ: طَهُورٌ! كَلَّا بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ -أَوْ تَثُورُ- عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، تُزِيرُهُ القُبُورَ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "فَنَعَمْ إِذًا".
قوله: ("لا بأس طهور") فيه "دلالة أن الطهور هو المطهر خلافًا لأبي حنيفة في قوله: الطهور هو الطاهر.
وقوله: ("إن شاء الله") بمعنى الدعاء فأبى الأعرابي وسخطه، فصدقه الشارع أنه يموت من ذلك. ويجوز أن يكون الشارع علم أنه سيموت من مرضه قبل قوله له: "طهور" فدعا له بتغفير ذنوبه. ويحتمل أن يكون أخبر بذلك قبل موته وبعد قوله.
الحديث الأربعون:
حديث عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ البَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، فَكَانَ يَكْتُبُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ: مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ ألَّا مَا كَتَبْتُ لَهُ. فَأَمَاتَهُ اللهُ، فَدَفَنُوهُ، فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ، ثم عادوا فلفظته الأرض، ثم عادوا وأعمقوا فلفظته فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ.
هذا الحديث أخرجه مسلم أيضًا من حديث ثابت عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. نقل نحوه في كتاب المنافقين.
(لفظته الأرض) -بكسر الفاء وفتحها -أي طرحته ورمته. وقال القزاز في "جامعه": كل ما طرحته من يدك فقد لفظته. لا تقال بكسر الفاء إنما تقال بالفتح.