للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: جواب آخر وهو أنه يجوز أن تكون الآية نزلت بمكة، والمعنى: أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله، ليؤمنوا، وقال ابن عباس، ومقاتل: إن الشاهد ابن يامين، وقال صاحب "مقامات التنزيل": هذِه السورة مكية إلا آيتان مدنيتان منها هذِه الآية، وروى السدي عن ابن عباس: أنها نزلت في ابن سلام وابن يامين، واسمه عمير بن وهب [النضري] (١) وقال سعيد بن جبير فيما حكاه عنه عبد بن حميد: اسمه ميمون بن يامين وفيه نزلت هذِه الآية (٢).

وقوله: (مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لم يَعْلَم)، قال الداودي: هو من أهل بدر، وإنما قال ذلك خوفا وإشفاقا، ولم يسمع قوله في أهل بدر أنهم مغفور لهم، كذا جعله الداودي من أهل بدر، وهو مخالف لما أسلفناه عن الشعبي أنه أسلم قبل موته - صلى الله عليه وسلم - بعامين، وقول سعيد ما سمعته يقول .. إلى آخره، كيف قال هذا، قد علم أنه قال ذلك فيه، وفي باقي العشرة.

وأجاب الخطابي بأنه كره التزكية لنفسه، ولزم التواضع، ولم ير لنفسه من الاستحقاق ما رآه لأخيه، وهذا غير بين كما قال ابن التين؛ لأنه بقي باقي العشرة بقوله: وحكي عن سفيان الثوري أنه كان يقول: أنا أحرس الصحابة، وأقدم العشرة، وأروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال: إنهم من أهل الجنة وأرجو لهم ذلك، قال: ولا أشهد لغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه في الجنة، ومعنى كلامه كما قال: إن التخيير بينهم


(١) بياض بالأصل، والمثبت من "عمدة القاري".
(٢) انظر: "الدر المنثور" ٦/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>