للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَسْمَعَهُمْ قَوْلَهُ تَوْبِيخًا وَتَصْغِيرًا وَنَقِيمَة، قال الخطابي: هذا أحسن من ادعاء عائشة على ابن عمر الغلط -كما يأتي بعد، قال:- ويؤيد ما رواه ابن عمر حديث أبي طلحة (١)، هذا وأجاب بعضهم بأنه جائز أن يسمعوا في وقت ما أو حال ما، فلا تنافي، وقد قال: "إنه ليسمع قرع نعالهم" وسؤال الملكين له في قبره، وقوله لهما وغير ذلك مما لا ينكر (٢)، وقد روى ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: "ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يصحبه في الدنيا فيسلم عليه، إلا عرفه ورد عليه السلام". ذكره أبو عمر في "تمهيده" (٣)، وقال الإسماعيلي: إن كانت عائشة قالت ما قالته رواية، فرواية ابن عمر: إنهم يسمعون وعلمهم لا يمنع من سماعهم، وأما تلاوتها فهو لا تسمعهم ولكن الله، والاسماع ليس الصوت من السمع أو وقوع الصوت في أذن السامع، وإنما المراد الاستجابة، فعليه التبليغ والدعاء وعليهم الإجابة، ولا يقع ذلك إلا بالتوفيق.

قال السهيلي: وعائشة لم تحضر، وغيرها ممن حضر أحفظ للفظه، وقد قالوا له: أتخاطب قومًا قد جيفوا؟ فقال: "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لما أَقُولُ مِنْهُمْ" وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمين، جاز أن يكونوا سامعين: إما بآذان رءوسهم إذا قلنا: إن الأرواح تعاد إلى الأجساد عند المساءلة وهو قول الأكثر من أهل السنة، وإما بآذان القلب أو الروح على مذهب من يقول بتوجه السؤال إلى الروح من غير


(١) المصدر السابق ٣/ ١٧٠٨.
(٢) سلف برقم (١٣٣٨) كتاب الجنائز، باب: الميت يسمع خفق النعال، ورواه مسلم (٢٨٧٠) كتاب: الجنة ونعيمها، باب: عرض مقعد الميت من الجنة أو النار.
(٣) رواه في "الاستذكار" ٢/ ١٦٥ (١٨٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>