قيل: وفيه -كما قال السهيلي-: وجوب قتل من سب الشارع، وإن كان ذا عهد خلافًا لأبي حنيفة، فإنه لا يرى قتل الذمي في مثل هذا (١). قال أصحاب مالك: ولا يستتاب؛ لأن ذمته انتقضت.
فصل:
قد سلف طرف من هذا الحديث في الجهاد في باب الكذب في الحرب، وفي باب الفتك بأهل الحرب.
وقوله هنا:(إنا محمدًا عنَّانا) أي: خلفنا المشقة.
وفيه: جواز الكذب في الحرب والخدعة، قال: فإن القول والتقول: الكذب ونقل الكلام، وهو مباح في الحرب.
وفيه: أن يقال عند ذلك للكافر في النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يرضيه ما لم يكن في ذلك شتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والحمل على ذلك ما في قتل هذا الملعون من الصلاح التام للإسلام.
وقوله:(فأتاه محمد بن مسلمة وقال: إن هذا الرجل سألنا صدقة، وإنه قد عنانا) كذا هنا، والذي قاله أكثر الرواة وأهل السير كما نبه عليه الدمياطي أن الذي تحدث معه إنما هو أبو نائلة، وكان يدعه في الجاهلية فيركن إليه ونزل من الربض وكان معه جماعة كما سلف.
والوسق بفتح الواو وكسرها ستون صاعًا، والصاع: خمسة أرطال وثلث، قيل: بالماء، وقيل: بالوسط من القمح حكاهما ابن التين.
واختلف بما اشتق، فقال شمر: كل شيء حملته فقد وسقته، ويقال: لا أفعل كذا ما وسقت عيني الماء أي: حملته. وقال غيره: هو ضحك السماء بعضها إلى بعض، منه: {وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (١٧)}