حقيقة العزل: أن يجامع، فإذا قارب الإنزال نزع قصد الإنزال خارجه، وعندنا أن الأولى تركه، وهو جائز في الحرة والأمة بالإذن وعدمه، وقطع الرافعي في الأمة بالجواز، وقال: لا خلاف فيه، وصاحب "البحر" حكى الخلاف فيه رعاية لحق الولد.
وحاصل الخلاف في الحرة ثلاثة أوجه: ثالثها: يجوز بالإذن وهو قول مالك، واعتبر إذن موالي المرأة ولم يعتبره في التسرِّي.
واختلف هل كانوا أهل كتاب، فقال الأصيلي: كانوا عبدة أوثان، وإنما أباح - عليه السلام - وطأهن قبل نزول:{وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}[لبقرة: ٢٢١]، وقال الداودي: كانوا أهل كتاب؛ ولذلك لا نحتاج إلى إسلامهن قبل الوطء، والأول أولى؛ لقوله:(فأصبنا سبيًا من سبي العرب) وهذا الحديث في قوله: "ما عليكم أن لا تفعلوا" استدل به على الإباحة والمنع، وأنه إلى النهي أقرب، وقال المبرد: معناه: لا بأس عليكم أن تفعلوا، ومعنى (لا) الثانية ظرفًا، وحجة من منع حديث مسلم أنه - عليه السلام - سئل عنه، فقال:"إنه الوأد الخفي"(١).
وقوله: ("ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة") أي: قد جفَّ القلم بكل ما يكون، فيؤخذ منه أن الولد يكون مع العزل؛ ولهذا لو قال: وطئت وعزلت، حرم عليه النفي، قال شمر: النسمة: كل فى دابة فيها روح، والنسم: الروح، والتقدير: ما من ذي نسمة. ويراد بها الذكر والأنثى، وقال القزاز: كل إنسان نسمة، ونفسه نسمة.
وأما حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزْوَةَ
(١) رواه مسلم (١٤٤٢/ ١٤١) كتاب: النكاح، باب: جواز الغيلة. من حديث جُدامة بنت وهب.