كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى النَّوْمِ رؤيا يُبَرِّئنِي اللهُ بِهَا، فَوَاللَّهِ مَا رَامَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَجْلِسَهُ وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ وَهْوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الذِي أئزِلَ عَلَيْهِ. قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا أَنْ قَالَ: "يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ". قَالَتْ: فَقَالَتْ لي أمِّي: قُومِي إِلَيْهِ. فَقُلْتُ: والله لَا أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لَا أَحْمَدُ إِلَّا اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ-. قَالَتْ: وَأَنْزَلَ الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ} [النور:١١] العَشْرَ الآيَاتِ، ثمَّ أَنْزَلَ اللهُ هذا فِي بَرَاءَتِي.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -وَكَانَ يُنْفِق عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أثاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ-: والله لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ. فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى والله، إِنِّي لأحُبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي. فَرَجَعَ إِلَى مِسْطُحٍ لنَّفَقَةَ التِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَقَالَ: والله لَا أَنْزِعُهَا مِنْة أَبَدًا. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَينَبَ: "مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟ ". فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، والله مَا عَلِمْتُ إِلَّا خَيْرًا. قَالَتْ عَائِشَة: وَهْيَ التِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَعَصَمَهَا الله بِالْوَرَعِ. قَالَتْ: وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ. قَالَ ابن شِهَابٍ: فهذا الذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هؤلاء الرَّهْطِ. ثمَّ قَالَ غرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: والله إِنَّ الرَّجُلَ الذِي قِيلَ لَة ما قِيلَ لَيَقُول: سُبْحَانَ اللهِ! فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ. قَالَتْ: ثمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ. [انظر: ٢٥١٣ - مسلم: ٢٧٧٠ - فتح: ٧/ ٤٣١]
٤١٤٢ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِه: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ؟ قُلْتُ: لَا، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ مِنْ قَوْمِكِ: أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ، أَنَّ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ لَهُمَا: كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا. [فتح: ٧/ ٤٣١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute