للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقول علي - رضي الله عنه -: (بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا والزبير والمقداد) أكد الضمير المنصوب بأنا، كقوله تعالى: {إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} [الكهف: ٣٩] وقيل: لا يؤكد بها ضمير المنصوب؛ لأنها في موضع رفع، ولا يؤكد المنصوب بالمرفوع، ويكون أنا في الآية فاصلة على هذا مثل: {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: ٢٠] وقوله: (فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} الآية إلى قوله: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} هذا صريح في نزول الآية فيه، وقد ذكره كذلك في التفسير كما ستعلمه.

قال مجاهد: نزلت أيضًا في قوم مع حاطب كتبوا إلى أهل مكة يحذرونهم (١).

وقوله تعالى: {بِالْمَوَدَّةِ} أي: تلقون إليهم النصيحة بالمودة؛ لأن (من) لا تزاد في الواجب عند البصريين (٢)، وأجازه بعض الكوفيين كما سلف هناك. قال الفراء: دخول الباء وخروجها سواء (٣).

وقوله تعالى: {وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ} أي: فكيف يخفى عليَّ تحذيركم الكفار.

وقوله: {إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي} فيه تقديم وتأخير، المعنى: لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء إن كنتم خرجتم، هذا ما عليه الأكثر، وقيل: إن في الكلام حذفًا، أي: إن كنتم خرجتم جهادًا في سبيلي فلا تلقوا إليهم بالمودة.


(١) رواه الطبري في "تفسيره" ١٢/ ٥٨ (٣٣٩٣٨).
(٢) كذا في الأصل.
(٣) "معاني القرآن" ٣/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>