للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- صلى الله عليه وسلم - الصابئ، وإنما تأول خالد في قولهم فيما يرى أنه كان مأمورًا بقتالهم إلى أن يسلموا، وقولهم: (صبأنا) يحتمل أن يكون معناه: خرجنا من ديننا إلى دين آخر غير الإسلام، فلما لم يصرحوا بالدخول في الإسلام نفذ خالد الأمر الأول في قتالهم إذ لم يجد شريطة حقن الدم بصريح الاسم، ويحتمل أنه إنما لم يكف عنهم من قبل أنه ظن إنما عدلوا عن اسم الإسلام إليه أنفة من الاستسلام والانقياد، فلم ير ذلك القول إقرارًا بالدين.

وقد روي أن ثمامة بن أثال لما أسلم دخل مكة معتمرًا، فقال له كفار قريش: أصبأت؟ فقال: لا، ولكن أسلمت. وهو مثل حديثه الآخر أنه بعثه - صلى الله عليه وسلم - إلى أناس من خثعم، فاعتصموا بالسجود فقتلهم فوداهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بنصف الدية (١)، وإنما كان عذر خالد في هذا؛ لأن السجود لا تمحض دلالته على قبول الدين؛ لأن كثيرًا من الأمم يعظمون رؤساءهم بالسجود ويظهرون لهم الخضوع بأن يخروا على وجوههم. قال: وفيه دليل أن الكافر إذا لاذ بالصلاة لم يكن ذلك منه إسلامًا حتى يصف الدين قولاً بلسانه (٢). وقيل: لما قتل الله مسيلمة وقتل خالد بني جذيمة، قال له مالك بن نويرة وكان قد أسلم: ما قال صاحبك في كذا -يعني: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له خالد: وليس


(١) رواه الطبراني ٤/ ١١٤ (٣٨٣٦) عن قيس بن أبي حازم، عن خالد بن الوليد به، وقال الهيثمي في "المجمع" ٥/ ٢٥٣: رجاله ثقات. اهـ. وكذا قال الألباني في "الإرواء" ٥/ ٣١. وبنحوه لكن فيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سرية دون تعيين خالد بن الوليد، ورواه أبو داود (٢٦٤٥)، والترمذي (١٦٠٤) كلاهما عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله مرفوعًا.
انظر: "الإرواء" (١٢٠٧).
(٢) هنا انتهى قول الخطابي من "أعلام الحديث" ٣/ ١٧٦٥ - ١٧٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>