للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال المازري: الموت عند أهل السنة عرض من الأعراض يضاد الحياة، وزعم بعض المعتزلة: أنه ليس بعرض، بل معناه عدم الحياة، وهو خطأ لقوله تعالى: {خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} [تبارك: ٢] فأثبته مخلوقًا. وعليهما ليس الموت بجسم، فيتأول الحديث على أن الله تعالى يخلق هذا الجسم مثالًا، لأن الموت لا يطرأ على أهل الآخرة (١).

وإن كان ابن عباس ومقاتل والكلبي قالوا: إن الموت والحياة جسمان، فالموت في هيئة كبش لا يمر بشيء ولا يجد ريحه إلا مات، وخلق الحياة على صورة فرس أنثى بلقاء، وهي التي كان جبريل والأنبياء يركبونها، خطوها مد البصر فوق الحمار ودون البغل لا تمر بشيء ولا يجد ريحها إلا حيى، وهي التي أخذ السامري من أثرها فألقاه على العجل.

وفيه: دلالة على أنهم يعاينون ملك الموت في هذِه الصورة.

ثم هذا الحديث وغيره من الأحاديث نص في الخلود لأهل الدارين لا إلى أمد ولا غاية، فمن قال: أنهم يخرجون منها وأن النار تبقى خالية وأنها تفنى وتزول، فهو خروج عن مقتضى المعقول ومخالف لما جاء به الرسول وما أجمع عليه أهل السنة والعدول، وإنما تخلى جهنم وهي الطبقة العليا التي فيها عصاة أهل التوحيد، وهي التي ينبت على شفيرها الجرجير، وقد بين ذلك موقوفُ عبدِ الله بن عمرو بن العاصي: يأتي على النار زمان تخفق الرياح أبوابها ليس فيها أحد من الموحدين (٢).


(١) "المعلم بفوائد مسلم" ٢/ ٤٣١ - ٤٣٢.
(٢) رواه البزار في "مسنده" ٦/ ٤٤٢ (٢٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>