للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعضهم في ذلك وقالوا: أننهى أن ندخل على بنات عمنا إلا بإذن ومن وراء حجاب، لئن مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأتزوجن بعضهن، فقال أبو بكر وذووه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ونحن أيضًا لا ندخلن عليهن إلا بإذن؟! فنزلت {لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ} الآية. وأنزل في التزويج {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ} (١).

وقال مقاتل: كانوا يجلسون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل الطعام وبعده، وكان ذلك في بيت أم سلمة. وكذا قاله قتادة فيما ذكر عبد بن حميد، كان ذلك يؤذيه ويستحيي أن يقول لهم: قوموا، وربما خرج وهم في بيته يتحدثون (٢).

والجمع بين هذِه الأقوال -والله أعلم- أن بعض الرواة ضم قصة إلى أخرى، ونزلت الآية عند المجموع، وكان ذلك سنة خمس من الهجرة، وكان عمر وقع في ظنه نفرة عظيمة في أن يطلع أحد على حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى صرح له بقوله: احجب نساءك. ولم يزل ذلك عنده إلى أن نزل الحجاب، وبعده قصد أن لا يخرجن أصلًا، فأفرط في ذلك بحيث أنه أفضى إلى الحرج والمشقة والإضرار بهن، فإنهن محتاجات إلى الخروج كما قال - عليه السلام -: "قد أذن لَكُنَّ أن تخرجن لحاجتكن" ثم جاء الحجاب الثاني كما سلف. وما تقدم من كراهته - عليه السلام - لم يظهره، وأظهره عمر فاجتمعت القضايا.

ودعوى من ادعى أن هذِه المصلحة التي أشار بها عمر خفيت على غيره يرده ما ذكرناه.


(١) "معاني القرآن" ٢/ ٣٤٩.
(٢) رواه بنحوه الطبري ١٠/ ٣٢٥ (٢٨٦١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>