للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها:

محاجَّة الجنة والنار تحتمل أن تكون بلسان الحال أو المقال ولا مانع من أن الله يجعل لهما لسانا تميزان وتدركان به -كما سلف- يتحاجان، ولا يلزم من هذا التمييز دوامه فيهما.

(وسقطهم) بفتح القاف: ضعفاؤهم المحقرون منهم، يريد شواذ الناس وعامتهم من أهل الإيمان الذين لا يقبلون السنة فتدخل عليهم الفتثة فهم ثابتو الإيمان صحيحو العقائد وهم أكثر أهل الجنة، وأما العارفون والعلماء العاملون والصلحاء المتعبدون فهم قليلون، وهم أصحاب الدرجات العُلى.

وقوله: ("وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقًا") هو دال -كما قال النووي- لمذهب أهل السنة من أن الثواب ليس متوقفًا على الأعمال، فإن هؤلاء يخلقون حينئذ، ويعطون في الجنة ما يعطون بغير عمل، ومثله الأطفال والمجانين الذين لم يعملوا طاعة وكلهم في الجنة بفضله، وفيه دلالة على سعة الجنة فقد جاء في الصحيح أن للواحد فيها مثل الدنيا وعشرة أمثالها (١)، ثم يبقى فيها شيء يخلق، فينشئهم الله لها (٢)، ويروى أن الله لما خلقها قال لها: امتدي، فهي تتسع دائمًا أسرع من النبل إذا خرج من القوس.


= والحاصل أنه يجب علينا أن نؤمن بأن لله تعالى قدمًا، وإن شئنا؛ قلنا: رجلا؛ على سبيل الحقيقة؛ مع عدم المماثلة ولا نكيف الرجل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخبرنا بأن لله تعالى رجلًا أو قدمًا، ولم يخبرنا كيف هذِه الرجل أو القدم وقد قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣)} [الأعراف: ٣٣] اهـ.
(١) سيأتي برقم (٦٥٧١)، كتاب: الرقاق، باب: صفة الجنة والنار.
(٢) "مسلم بشرح النووي" ١٧/ ١٨٣ - ١٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>