اقْرَأْ. قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ. فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدُ ثُمَّ أَرْسَلَنِي. فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤)} [العلق: ١ - ٤] ". الآيَاتِ إلى قَوْلِهِ {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} [العلق: ٥] فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ فَقَالَ: "زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي". فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْة الرَّوْعُ، قَالَ لَخدِيجَةَ: "أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي، لَقَدْ خَشِيتُ على نَفْسِي". فَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ. قَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلاَّ أَبْشِرْ، فَوَاللهِ لَا يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، فَوَاللهِ إِنَّكَ لَتَصِل الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الَحدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ الَمعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الَحقِّ. فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ وَهْوَ ابن عَمِّ خَدِيجَةُ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالْعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: يَا ابن عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابن أَخِيكَ. قَالَ وَرَقَةُ: يَا ابن أَخِي، مَاذَا تَرى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ خَبَرَ مَا رَأى. فَقَالَ وَرَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذِي أنْزِلَ عَلَى مُوسَى، لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُون حَيًّا -ذَكَرَ حَرْفًا- قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ ". قَالَ وَرَقَة: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا أُوذِيَ، وِإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثمَّ؛ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ ئوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ، فَتْرَة حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. [انظر: ٣ - مسلم: ١٦٠ - فتح: ٨/ ٧١٥]
٤٩٥٤ - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ - رضي الله عنهما -قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْي، قَالَ فِي حَدِيثِهِ: «بَيْنَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ بَصَرِي، فَإِذَا الْمَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَفَرِقْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي». فَدَثَّرُوهُ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥)}. [المدثر: ١ - ٥] قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَهْيَ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَ. قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ الْوَحْيُ. [انظر: ٤ - مسلم: ١٦١ - فتح: ٨/ ٧١٥]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute