للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يكن البخاري عطفه على السند الذي قبله (١).

فصل:

إن قلت: ما وجه نفور الصديق وزيد بن ثابت مع فضلهما عن جمع القرآن.

قلت: بينه ابن الباقلاني بقوله: لم نجد الشارع قد بلغ في جمعه إلى الحد من الاحتياط من تجليده وجمعه بين لوحين وكرها أن يجمعاه جزعًا أن يحلا أنفسهما محل [من] (٢) يجاوز احتياطه للدين احتياط رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما (نبههما) (٣) عمر وقال: هو والله خير، وخوفهما من تغير حال القرآن في المستقبل لقلة حفظته ومصيره إلى حالة الخفاء بعد الاستفاضة والظهور علما صواب ما أشار به وأنه خير، وأن فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس على الوجوب ولا تركه لما تركه على الوجوب، إلا أن يكون قد بيَّن أن مثل فعله لما فعله أوتركه لمثل ما تركه لازم لنا واجب علينا، فلما علمنا أنه لم يحظر جمعه ولا منع منه بسنة ولا بنص ولا هو مما يفسده العقل ويحيله ولا يقتضي فساد شيء من الدين ولا مخالفته، وأما صواب ما أشار به عمر وأسرعا إليه كما فعل عمر وسائر الصحابة في رجوعهم إلى رأي الصديق في قتاله أهل الردة واستَصْوَبُوه، وقد يشمئز الإنسان أحيانًا من فعل المباح المطلق؛ لفرط احتياط ثم يتبين له بعدُ خلافهُ، كرجل قيل له: قد سقط عنه فرض الجهاد والصيام والصلاة قائمًا؛ لزَمَانَةٍ وعَجْز، فأنكر مفارقة العادة عند أول وهلة، فلما تأمل ذلك علم جوازه.


(١) هو معطوف على الإسناد الذي قبله، وانظر: "الفتح" ٩/ ٢١.
(٢) زيادة يقتضيها السياق مثبتة من "شرح ابن بطال" ١٠/ ٢٢٢.
(٣) في الأصل: لم ينههما، والمثبت من "شرح ابن بطال" وهو الأنسب للسياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>