أبو بكر ابن الطيب بأنه يحتمل أن يكون ترتيب السور على ما هي عليه اليوم في المصحف كان على وجه الاجتهاد من الصحابة، وقد قال قوم من أهل العلم: إن تأليف السور على ما هو عليه في مصحفنا كان على توقيف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم على ذلك وأمر به.
وأما ما روي من اختلاف مصحف أبي وعلي وعبد الله إنما كان قبل العرض الأخير، وأنه - عليه السلام - رتب لهم تأليف السور بعد أن لم يكن فعل ذلك.
روى يونس، عن ابن وهب قال: سمعت مالكًا يقول: إنما ألف القرآن على ما كانوا يسمعونه من قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ومن قال هذا القول لا يقول: إن تلاوة القرآن في الصلاة والدرس يجب أن يكون مرتْبا على حسب الترتيب الموقف عليه المصحف، بل إنما يجب تأليف سوره في الرسم والكتابة خاصة، لا نعلم أن أحدًا منهم قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة، وفي القراءة والدرس، وأنه لا يحل لأحد أن يحفظ الكهف قبل الروم، ولا الحج بعد الكهف، ألا ترى قول عائشة رضي الله عنها للذي سألها أن تريه مصحفها ليكتب مصحفًا على تأليفه:(لا يضرك أيُّه قرأْتَ قبل).
وأما ما روي عن ابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كرها أن يقرأ القرآن منكوسًا، وقالا: ذلك منكوس القلب. وإنما عنيا بذلك من يقرأ السورة ويبتدئ من آخرها إلى أولها؛ لأن ذلك حرام محظور، وفي الناس من يتعاطى هذا في القرآن؛ والشعر ليذلل لسانه بذلك، ويقتدر على الحفظ، وهذا مما حظره الله في قراءة القرآن؛ لأنه إفساد لصورته ومخالفة لما قصد بها. ومما يدل أنه لا يجب إثبات القرآن في المصاحف على تاريخ نزوله؛ لأنهم لو فعلوا ذلك لوجب أن يجعلوا