فإن قلت: فما معنى قوله - عليه السلام -: "لَهِيَ أَحَبُّ إِفَيَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ". مع خساسة قدر الدنيا عنده وضِعة منزلتها؟
قلتُ: له وجهان:
أحدهما: أن المراد بما ذكر أنها أحب إليه من كل شيء لا شيء إلا الدنيا والآخرة؛ فأخرج عن ذكر الشيء بذكر الدنيا، إذ لا شيء سواها إلا الآخرة.
ثانيهما: أنه خاطب بذلك على ما جرى في الاستعمال في المخاطب من قولهم إذا أراد أحدهم الخبر عن نهاية محبتِه الشيءَ: هو أحب إلي من الدنيا وما أعدل به من الدنيا شيئًا، كما قال تعالى:{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ}[العلق: ١٥] ومعنى ذلك المذلة بذلك فخاطبهم بما يتعارفونه.