للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

وفيه: أن خصاء بني آدم حرام، وذلك أن التبتل إذا كان منهيًّا عنه ولا جناية فيه على النفس غير منعه المباح، فمنعها ما له فيه جناية عليها بإيلامها وتعذيبها بقطع بعض الأعضاء أحرى أن يكون منهيًّا عنه، فثبت بها أن قطع شيء من أعضاء الإنسان من غير ضرورة تدعو إلى ذلك حرام، كما أسلفناه، وسواء في ذلك الصغير والكبير، ولأن فيه تغيير خلق الله، ولما فيه من قطع النسل وتعذيب الحيوان كما أسلفناه، وأما غير الآدمي فإن كان لا يؤكل فكذلك، كما قاله البغوي، وأما المأكول فيجوز في صغره دون كبره (١).

فصل:

وقوله: ("فاختص على ذلك أو ذر"). وقع في بعض الأصول: "اقتصر". بدل: "اختص". وهذا مثل قوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: ٤٠] لأنه أمر بعد حظر، فهو في معنى الزجر.

قال ابن الجوزي: ليس بأمر، وإنما المعنى: إن فعلت أو لم تفعل فلابد من نفوذ القدر، وقد رأينا بعض جهال الأحداث يزهد في صباه، فلما اشتدت عليه العزوبة (٢) جب نفسه، وبعضهم جبَّها قال: بحيائه من ربه. فانظر ما يصنع الجهل بأهله، فأول ما يقال لهذا: ليس لك أن تتصرف في شيء إلا بإذن من رب العالمين، وهذا أمر لا يقال ما أذن له، بل قد حرمه ثم ينبغي أن الله وضع هذا الأمر لحكمة وهي إيجاد النسل، فمن تسبب في قطعه فقد ضاد الحكمة، ثم من النعمة على


(١) "التهذيب" للبغوي ٥/ ٢١١.
(٢) ورد بهامش الأصل: في الأصل الغريزة.

<<  <  ج: ص:  >  >>