للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومعنى (البث): ما تظهر المرأة من الحزن على عدم الخلوة منه، كأنها ذمته بالنهم والشره وقلة الشفقة، وإن (أرادها) (١) لم يدخل يده في ثوبها ليجسها متعرفًا؛ لما بها على عادة الناس الأباعد فضلًا عن الأزواج (٢)، ولا معنى لما توهمه أبو عبيد من أن الداء بجسدها فيتأول بذلك ترك التفقد منه لذلك على الكرم، وذلك أن أول الكلام ذم، واستلام له، ومهانته، وسوء المعاشرة والمرافقة، فكيف يكون آخره مدحًا ووصفًا بالكرم؟ والعرب تذم الرجل بكثرة الأكل والشرب، وتمدح بقلتها، ثم إنها وصفته بعد بقلة الاشتغال بها، والتعطيل لها، وعدم مضاجعتها وإدنائها من نفسه، وأنه لا همة له في المباضعة التي هي من ممادح الرجال، فإن العرب كانت تتمادح بالقوة على الجماع؛ لأنه دليل على صحة الذكورة، وتذم بضده، وممن رده عليه القتيبي والخطابي وابن حبيب وابن الأعرابي، وقال ابن الأنباري:

لا حجة على أبي عبيد في هذا؛ لأن النسوة كن تعاهدن على أن لا يكتمن (شيئًا) (٣) من أخبار أزواجهن، فمنهن من وصفه بالخير في جميع أموره، ومنهن بضد ذلك، ومنهن من وصفت ما فيه من الخير وما فيه من الشر.

قال عياض: ويؤيد ما ذهبوا إليه ما أشار إليه عروة بن الزبير بقوله: هؤلاء خمسة يشكون. وقالت امرأة عبد الله بن عمرو لعمرو بن العاصي وسألها: كيف وجدت زوجك؟ فقالت: من خير الرجال لم يفتش لنا


(١) كذا بالأصول وفي "الفائق": رآها عليلة.
(٢) انظر: "الفائق" ٣/ ٥٠.
(٣) من (غ).

<<  <  ج: ص:  >  >>