للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

دخل النار النساء. "والْجَدِّ" بفتح الجيم: الحظ والغنى. وكذا أبو الأب، وكذا العظمة، ومنه {جَدُّ رَبِّنَا} [الجن: ٣]، وكذا الجد: القطع. وبالكسر: الاجتهاد.

وقوله: ("مَحْبُوسُونَ") كذا هو في الأصول بالحاء المهملة ثم باء من الحبس، وكذا هو عند أبي ذر، وهو ظاهر، وقال ابن التين: كذا هو عند الشيخ أبي الحسن، ولعله بفتح الباء والواو، اسم مفعول من احبوس، قال أهل اللغة: يقال: احبوس بالمكان إذا أقام به حبوسًا (فهم) (١) موثوقون لا يستطيعون الفرار.

قال الداودي: أرجو أن يكون المحبوسون أهل التفاخر؛ لأن أفاضل هذِه الأمة كان لهم أموال، ووصفهم الله بأنهم سابقون. ثم نقل عن نسخة أبي ذر ما قدمناه، قال: وهو بين.

ولما نقل ابن بطال عن المهلب أن في الحديث أن أقرب ما يدخل به الجنة التواضع، وأن أبعد الأشياء من الجنة التكبر بالمال وغيره، وإنما صار أهل الجد محبوسين؛ لمنعهم حقوق الله الواجبة للفقراء في أموالهم، فحبسوا للحساب عما منعوه، فأما من أدى حقوق الله في ماله فإنه لا يحبس عن الجنة، إلا أنهم قليل، إذا كثر شأن المال تضيع الحقوق فيه؛ لأنه محنة وفتنة ألا ترى قوله: "فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينُ" وهذا يدل أن الذين يؤدون حقوق الله في المال ويسلمون من فتنته هم الأقلون، وقد احتج بهذا الحديث من فضل الفقر على الغنى (٢)، وستعرف ما فيه في الزهد إن شاء الله تعالى.


(١) من (غ).
(٢) "شرح ابن بطال" ٧/ ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>