للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

وسمي الزوج عشيرًا؛ لأنه يعاشرهن، كما سمي حليلًا؛ لأنه يحاللها في موضع واحد، وإنما استحققن النار بكفرهن العشير؛ من أجل أنهن يكثرن ذلك الدهر كله، ألا ترى أنه - عليه السلام - قد فسره فقال: "لو أحسنت إلى إحداهن الدهر" لجازت ذلك بالكفران الدهر كله، فغلب استيلاء الكفران على دهرها، فكأنها مصرة أبدًا على الكفر، والإصرار أكبر أسباب النار.

وفي الحديث: تعظيم حقه عليها، ويجب عليها شكره والاعتراف بفضله؛ لستره لها وصيانتها وقيامه بمؤنتها وبذله نفسه في ذلك؛ ومن أجل هذا فضل الله الرجال على النساء في غير موضع من كتابه فقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ على النِّسَاءِ} [النساء: ٣٤]. وقال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨]. وقد أمر - عليه السلام - من أُسديت إليه نعمة أن يشكرها، فكيف نِعَم الزوج التي لا تنفك المرأة منها دهرها كله، وشكر المنعم واجب؛ لقوله عليه السلام: "من أسديت إليه نعمة فليشكرها" (١) وقال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: ١٤]. فقرن تعالى شكره بشكر الآباء، وقد يكون شكرها في نشرها وفي أقل من ذلك، فيجري فيه الإقرار بالنعمة، والمعرفة بقدر الحاجة.


(١) رواه أبو عبيد في "غريب الحديث" ١/ ٢٠ ومن طريقه الخرائطي في "فضيلة الشكر" (٩٢)، والقضاعي في "مسند الشهاب" ١/ ٢٣٨ - ٢٣٩ (٣٧٦)، والبيهقي في "الشعب" ٦/ ٥١٦ (٩١١٥) عن يحيى بن سعيد، عن السائب بن عمر، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وزاد القضاعي: عن عبد الله بن عمر مرفوعًا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>