للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من رأى إباحته مطلقًا عن الزوجة والأمة، وبه قال كثير من الصحابة والتابعين والفقهاء كما سلف، وكرهه آخرون من الصحابة وغيرهم متمسكين بالطريقة المتقدمة وبقوله: "ذلك الوأد الخفي" وكأن من وقفه على الإذن في الحرة رأى أن الإنزال من تمام لذتها ومن حقها في الولد، بخلاف الأمة، إذ لا حق لها في شيء مما ذكر، ويمكن على هذا أن يجمع بين الأحاديث المتعارضة في ذلك، (ويصير ما يفهم منه المنع إلى الحرة إذا لم تأذن، والإباحة إلى الإذن، والأمة (أن) (١) يحمل النهي على كراهية التنزية، والإذن على انتفاء الحرمة) (٢) وإن كان ظاهر قوله: "أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ"، للإنكار والزجز، لكن يضعفه قوله: "مَا مِنْ نَسَمَةٍ" إلى آخره، فإذًا معناه الاستبعاد لفعلهم له، بدليل رواية: "ولمَ يفعل ذلك أحدكم؟ " قال الراوي: ولم يقل: ولا يفعل. فعلم أنه ليس بنهي، وهو أعلم بالمقال. وفي

رواية: "اعزل عنها إن شئت". وهو نص في الإباحة، وكذا قول جابر: فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم ينهنا.

ومعنى الرواية السالفة عن مسلم: "ما من كل الماء يكون الولد" أنه ينعقد في الرحم من جزء من الماء، لا يشعر العازل (بخروجه) (٣)، فيظن أنه قد عزل كل الماء وإنما عزل بعضه، فيخلق الله الولد من ذلك الجزء اللطيف. قال الأطباء: وذلك الجزء هو الشيء الثخين الذي يكون في الماء على هيئة نصف عدسة.


(١) من (غ).
(٢) عبارة "المفهم": فتصير الأحاديث التي يفهم منها المنع إلى الزوجة الحرة إذا لم تأذن، والتي يفهم منها الإباحة إلى الأمة والزوجة إذا أذنت، فيصح الجميع ويرتفع الإشكال. اهـ.
(٣) في الأصول: مخرجه، والمثبت هو الصواب، كما في "المفهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>