للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فصل:

قال الطبري: قوله: (لَا يَغُرَّنَّكِ .. ) إلى آخره. يريد: عائشة، ففيه دليل على أنه لا حرج على من كان عنده جماعة نسوة في إيثار بعضهن في المحبة على بعض، إذا سوى بينهن في القسمة. ومثله الحديث السالف: "اللهم هذا قسمي" إلى آخره (١). فالذي سأل ربه ألا يلزمه ما كان لا يملكه من نفسه هو ما جبلت عليه القلوب من الميل بالمحبة إلى من هويته، وذلك مما لا سبيل للعباد إلى خلافه ودفعه عنه، وهو المعنى الذي أخبر عنه تعالى أنهم لا يطيقونه من معاني العدل بين النساء، فعلم بذلك أن كل ما كان عارضًا لقلب ابن آدم من شيء مال إليه بالمحبة والهوى، مما لم يجتلبه المرء إليه باكتساب، ولم يتجاوزه العارض منه في قلبه إلى مالا يكرهه اليه ولا يرضاه من العمل بجوازه، فلا حرج عليه في ذلك، ولا تبعة تلحقه فيه فيما بينه وبين الله بسبب ما عرض له من فرض هوى وصيانة نفس. قال ابن حبيب: فلما كان القلب لا يملك، ولا يستطاع العدل فيه؛ وضع الله عن عباده الحرج في ذلك، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].


(١) رواه أبو داود (٢١٣٤)، والترمذي (١١٤٠)، والنسائي ٧/ ٦٣، وابن ماجه (١٩٧١) من حديث عائشة.
قال الترمذي: هكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم.
ورواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلًا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَقْسم، وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة.
وقال الدارقطني في "العلل" ١٣/ ٢٧٩: المرسل أقرب إلى الصواب.
والحديث ضعفه الألباني في "الإرواء" (٢٠١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>