للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأضيف الزور إلى الثوبين (١).

قال بعض أهل المعرفة بلسان العرب: وللتشبيه هنا معنى صحيح؛ لأن كذب المتحلي بما لم يعط شيئًا فهو كاذب على نفسه بما لم يأخذ، وعلى غيره بما لم يبذل له (٢). وعند ابن التين: يريد أنه لا ينتفع بذلك كما لا ينتفع بذلك لابس ثوبي زور. وهي تكون من وجوه مثل أن تلبس المرأة ثوبي وديعة أو عارية ليظن الناس أنهما لها، فلباسها لا يدوم، وتفتضح بكذبها، وإنما أراد بذلك خوفًا من الفساد بين زوجها وضرتها، وهو مثل الزور الذي صاحبه فيه مأثوم.

وقال الداودي: إنما كره ذلك؛ لأنه يدخل بين المرأة الأخرى وزوجها البغضاء، فيصير كالسحر الذي يفرق بين المرء وزوجه.

قال القرطبي: وذلك التشبع محرم، وإنما صار محرمًا؛ لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه، وأذى للضرة، وأذى المسلم محرم (٣).

ثم نقل ابن التين عن الخطابي أنه قال: فيه تأويلان:

أحدهما: أن الثوب مَثَل، ومعناه: إن المتشبع بما لم يعط صاحب زور وكذب، كما يقال لمن وصف بالبراءة من الأدناس: طاهر الثوب. والمراد به نفس الرجل، ومثله: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر: ٤].

والثاني: أن يكون أراد الثوب نفسه، روي لنا في هذا عن نعيم بن حماد قال: الرجل في الحي له هيئة وشارة، فإذا أصبح إلى شهادة الزور شهد لهم فيقبل (٤). وهذا أسلفناه.


(١) "أعلام الحديث" ٣/ ٢٠٢٢.
(٢) انظر: "لسان العرب" ١/ ٥٢٠.
(٣) "المفهم" ٥/ ٤٥٢.
(٤) "أعلام الحديث" ٣/ ٢٠٢١ - ٢٠٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>