للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وحديثها أيضًا: ما غرت على امرأة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما غرت على خديجة. الحديث. وهذا سلف في مناقبها (١)، وزاد هنا بعد: لكثرة ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها وثنائه عليها، وقد أوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبشرها ببيت لها في الجنة من قصب.

و"غضبَى" مقصور كسكرى؛ لأن ما يثبت في مذكره النون، فمؤنثه مقصور؛ لأن مذكر غضبى غضبان، وسكرى سكران.

قال الهروي: أراد أن يبشرها بقصر من زمردة مجوفة أو لؤلؤة مجوفة. يقال: بيت الرجل قصره، وبيته: داره، وبيته: شرفه (٢).

وقولها: (مَا غِرْتُ على امْرَأَةٍ .. ) إلى آخره. هو من غاية المغيرة؛ لأن الغالب إنما يكون في الموجودة، وهي لم تكن موجودة إذ ذاك، ولا مشاركة لها معها في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ففيه: الصبر على النساء، وعلى ما يبدو منهن من الجفاء والحرج عند المغيرة؛ لما قد جبلن عليه منها، وأنهن لا يملكنها، فعفي عن عقوبتهن على ذلك، وعذرهن الله فيه.

وقولها: (مَا أَهْجُرُ إِلَّا اسْمَكَ) يدل -كما قال المهلب- على أن الاسم من المخلوقين غير المسمى، ولو كان هو وهجرت اسمه لهجرته بعينه، ويدل على ذلك أن من قال: أكلت اسم العسل واسم الخبز، فإنه لا يفهم منه وإن أكل الخبز والعسل، وكذلك إذا قال: لقيت اسم زيد، لا يفهم منه أنه لقي زيدًا، ويبين ذلك ما نشاهده من تبديل أسماء المماليك وتبديل كنى الأحرار، ولا تتبدل الأشخاص مع ذلك.


(١) برقم (٣٨١٦).
(٢) انظر كلام الهروي في: "النهاية في غريب الحديث" ١/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>