للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: ٢٧] فكان مطالبًا بما تألى به، فكأنه ضرب من الحنث؛ لأنه تألى فلم يفِ. وقد احتج بعض الفقهاء بهذا الحديث فقال: إن الاستثناء بعد السكوت عن اليمين جائز، بخلاف قول مالك (١).

واحتجوا بقوله: "لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ لَمْ يَحْنَثْ". وليس كما توهموه؛ لأن هذِه لم تكن يمينًا، وإنما كان قولًا جعل الأمر فيه لنفسه، ولم تجب عليه فيه كفارة، فسقط عنه الاستثناء. وإنما هذا الحديث مثل قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللهُ} [الكهف: ٢٣ - ٢٤] أدبًا أدب الله به عباده ليردوا الأمر إليه ويبرءوا من الحول والقوة إلا به. ودل هذا المعنى على صحة قول أهل السنة أن أفعال العباد من الخير والشر خلق الله تعالى، وسيأتي في الاعتصام أيضًا.

وقال ابن التين: معنى: "لَمْ يَحْنَثْ": لم يخلف قوله؛ لأن الحنث أصل الخلف في اليمين، ويحتمل أن يكون خلف على ذلك.

وقوله: ("لأَطُوفَنَّ"). يقال: أطاف بالإنسان طائف من جن أو خيال. وفي الحديث أن الأنبياء أعطوا من القوى مالم يعط غيرهم. وفي بعض الروايات: "لأطوفن على سبعين" (٢). وهنا: "مِائَةِ". وفي بعضها: "بألف". ذكره ابن التين.


(١) انظر: "الإشراف" ٢/ ٢٤٧.
(٢) سلف برقم (٣٤٢٤)، ورواه مسلم (١٦٥٤/ ٢٣ - ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>