للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النطفة، شبه اللذة بالذوق، واستعاره لها (١)

فصل:

في حديث رفاعة أن المطلقة ثلاثًا لا تحل لمطلقها إلا بنكاح فيه جماع. وهو مفسر لقوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] وهو من التفسير المسند، وذلك أن القرآن كله إذا ذكر فيه النكاح، أريد به العقد لا الوطء، إلا هنا، وإلا في قوله: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} [النور: ٣] على قول، والسنة بينته بقوله: "حتى تذوقي عسيلته". وهي الوطء.

وانفرد اين المسيب، فاكتفى بالعقد. كما أسند سعيد بن منصور في "سننه" قوله (٢). ولا نعلمُ أحدًا وافقه إلا طائفة من الخوارج، ولا التفات إليهم، ولعله لم يبلغه الحديث. وقيل: إنه رجع عنه، حكاه في "القنية" للزاهدي. قال: ولو قضى به قاضٍ لا ينفذ قضاؤه، فإن أفتى به أحد عزر. وإن كان المبرد حكى عن أهل الحجاز أنهم يرون النكاح العقد دون الفعل، ولا ينكرونه في الفعل، ويحتجون بقوله تعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب: ٤٩] ويكون هو الجماع. وهو في الأصل كناية، وهي تقع عن هذا الباب كثيرًا، والأصل ما ذكرناه.

قال - عليه السلام -: "أنا من نكاح لا من سفاح" (٣) ويقابل قول سعيد في الغرابة قول الحسن البصري: لا تحل حتى يطأها الثاني وطئًا فيه


(١) انظر: "النهاية في غريب الحديث" ٣/ ٢٣٧.
(٢) "السنن" ٢/ ٤٩ (١٩٨٩).
(٣) رواه بنحوه الطبراني ١٠/ ٣٢٩ (١٠٨١٢)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" ٣/ ٤٠٠ من حديث ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>