للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووجهه أن يكون أصله مثل فتنة الدجال أو قريبًا من فتنة الدجال، فحذف ما كان مثل مضافًا إليه، وترك عَلَى هيئته قبل الحذف، وجاز الحذف لدلالة ما بعده، والمعتاد في صحة هذا الحذف أن يكون مع إضافتين كقول الشاعر:

أَمامُ وخَلْفُ المَرْءِ مِنْ لُطْفِ ربِّهِ … يذرِي عَنْهُ مَا هُوَ يَحْذَرُ (١)

وجاء أيضًا في إضافة واحدة كما هو في الحديث.

وأما رواية "قريب" بغير تنوين فأراد مثل فتنة الدجال، أو قريب الشبه من فتنة الدجال، فحذف المضاف إليه، وبقي "قريب" عَلَى هيئته، وهذا الحذف في المتأخر لدلالة المتقدم عليه قليل مثل قراءة ابن محيصن (لا خوفُ عليهم) (٢) أي: لا خوف شيء وكقول الشاعر:

أَقُولُ لمّا جَاءَنِي فَخْرُهُ … سُبْحَانَ مِنْ عَلْقَمَةَ الفَاخِرِ (٣)

أراد سُبحان الله فحذف المضاف إليه، وترك المضاف بحاله.


(١) "شواهد التوضيح" ص ١٦٢.
(٢) انظر: "إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر" ص ١٣٤.
(٣) البيت للأعشى ضمن قصيدة يهجو بها علقمة بن علاثة العامري، ويمدح عامر بن الطفيل، لما تنازعا في الجاهلية على الرياسة في بني كلاب. وقد مات عامر مشركا، وأسلم علقمة، ولهذا ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن رواية القصيدة. يقول: أقول لما جاءني فخر علقمة على عامر: (سبحان من علقمة الفاخر)، أي أتعجب، سبحان الله منه، كذا خرجه بعضهم، وخرجه ابن فارس: بمعنى: ما أبعده، وبعضهم قال معنى (سبحان) في البيت: البراءة والتنزيه، وللراكب في "مفرداته" أقوال أخرى: ص ٢٢١.
وقد ورد البيت في "الكتاب" ١/ ٣٢٤، "مجاز القرآن" ١/ ٣٦، "معجم مقاييس اللغة" (سبح) ٣/ ١٢٥، "الزاهر" ١/ ١٤٤، و"الطبري" ١/ ٢١١، "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٧٨، "الخصائص" ٢/ ١٩٧، ٤٣٥، "شرح المفصل" لابن يعيش ١/ ٣٧، ١٢٠، "الديوان": ص ٩٣.